مقدّمة لخطة الاستجابة الإنسانية للعام 2019

Jamie McGoldrick, the Humanitarian Coordinator
Jamie McGoldrick, the Humanitarian Coordinator

بقلم المنسق الإنساني، السيد جيمي ماكغولدريك

تطلب خطة الاستجابة الإنسانية للأرض الفلسطينية المحتلة للعام 2019 مبلغًا كليًا قدره 350 مليون دولار. ويعكس هذا المبلغ انخفاضًا مقداره 200 مليون دولار عن العام الماضي. وعلى وجه الإجمال، سوف يتم استهداف 1.4 مليون شخص خلال العام 2019، بالمقارنة مع 1.9 مليونًا في العام 2018. ومع ذلك، فلا يعكس هذا الرقم المخفَّض للتمويل المطلوب والأشخاص المستهدفين تراجعًا في مستوى الاحتياجات الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة. فعلى العكس من ذلك، شهد العام المنصرم تدهورًا جسيمًا في الأوضاع الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في قطاع غزة، الذي شهد تكرار اندلاع أعمال العنف وارتفاعًا هائلًا في أعداد الضحايا الذين أُصيبوا في مظاهرات "مسيرة العودة الكبرى".

وفضلًا عن الاحتياجات المتزايدة، واجهت الجهات الإنسانية الفاعلة مستويات متدنية غير مسبوقة في التمويل خلال العام 2018، وذلك عقب القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة بوقف الدعم المالي الذي كانت ترصده للمساعدات الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، مما أثّر على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بصورة رئيسية، وبعض المنظمات غير الحكومية الدولية في مجتمع العمل الإنساني الدولي. ومن المحتمل أن يستمر هذا الاتجاه خلال العام 2019، حيث أشار المانحون الآخرون إلى أن مستويات التمويل الحالية ستبقى كما هي عليه في أحسن الأحوال.

كما تواجه الجهات الإنسانية الفاعلة في الأرض الفلسطينية المحتلة بيئة عملياتية تتعرض لقيود متزايدة، حيث تسعى جماعات تحرّكها دوافع سياسية إلى تقويض بعض العمليات التي تنفذّها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. ويتسبّب الوقت والجهد الذي يُبذل لتفنيد هذه المزاعم الباطلة في تحويل انتباه المدراء المعنيين عن أولوياتهم العملياتية.

ومع إدراكنا بأن الأوضاع الإنسانية والموارد المطلوبة للوفاء بالاحتياجات والحيز المتاح للعمليات لن يشهد تحسُّنا في المستقبل المنظور، فنحن في طور الانتقال من نهج ’العمل المعتاد‘. وعقب المشاورات المكثفة التي أجريناها في القدس ورام الله وغزة مع جميع الأطراف المعنية الرئيسية، أعدنا توجيه استجابتنا لكي نخرج بخطة جديدة للعام 2019، بحيث تعكس الواقع الراهن الذي ننفّذ عملياتنا في ظله. وتَرِد المجموعة الكاملة للاحتياجات الإنسانية بالتفصيل ضمن النظرة العامة على الشؤون الإنسانية ، المرفقة مع هذه الخطة، حيث تمّ تحديد نحو 2.5 مليون شخص على أنهم في حاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية خلال العام 2019. وتستند خطة الاستجابة الإنسانية، التي تستهدف 1.4 مليون شخص من هؤلاء لتقديم المساعدات الإنسانية لهم، إلى العدد الأقصى للأشخاص الضعفاء الذين نعتقد أننا نستطيع أن نصل إليهم فعليًا في ظل المناخ السياسي الراهن وسياق الموارد غير المواتية الذي نشهده.

وبسبب الارتفاع الهائل الذي طرأ على أعداد الضحايا الذين أُصيبوا في مظاهرات ’مسيرة العودة الكبرى‘ بمحاذاة السياج في غزة، وبالنظر إلى أن عدد المصابين تجاوز عدد أولئك المسجّلين خلال الأعمال القتالية التي شهدها العام 2014، فإن التمويل المطلوب لقطاع الصحة هو الوحيد الذي شهد ارتفاعًا، حيث يعكس الزيادة الكبيرة على الطلب على خدمات قطاع الصحة الذي يرزح تحت أعباء هائلة في الأصل في غزة. وعلى وجه العموم، فما تزال الاحتياجات الإنسانية مرتفعة. وقد وصف البنك الدولي اقتصاد غزة على أنه "في حالة هبوط حادّ"، حيث تشهد المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية، كالبطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي، ارتفاعًا مستمرًا. كما يشهد النمو الاقتصادي تراجعًا في الضفة الغربية، حيث يزيد التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين وعمليات الهدم والإخلاء من وطأة البيئة القسرية المفروضة على التجمعات السكانية الفلسطينية الضعيفة. ولذلك، فقد حافظنا على الموقع المركزي التي تتبوّأه الحماية باعتبارها مسؤولية مشتركة على نطاق منظومة عملنا.

وخلال عملية المشاورات، عبّر المانحون عن تقديرهم لخطة الاستجابة الإنسانية المركّزة والمحدّدة الأهداف. وبناءً على ذلك، نتوقع أن يزيد شركاؤنا تمويلهم لكي نتمكّن من الوفاء بالاحتياجات ذات الأولوية والأكثر إلحاحًا في الأرض الفلسطينية المحتلة، وحماية حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، وتقديم الخدمات الأساسية للأشخاص الأكثر ضعفًا. ومن شأن المساهمات الإضافية – ولا سيما الالتزامات المتواصلة لضمان استمرار المساعدات، دون الدفعات التي تُصرف لمرة واحدة – ودعم الحيز العملياتي أن يمكّننا من بذل جهود أكبر في دعم قدرة الفلسطينيين على مواجهة الآثار التي تفرزها الأزمة الطويلة الأمد وتجاوزها، في ذات الوقت الذي نبحث فيه عن حلول أكثر استدامة.